"عندما غادرنا العراق، لم تكن جوانا على ما يرام. فقد كان وزنها منخفضاً، نحو 8 كيلوغرام. كانت في أسوأ حالاتها عندما جئنا إذلم تكن تأكل ولم تكن تبتسم أبداً. نحن ممتنون جداً أننا التقينا أطباء بلا حدود وأنهم أجروا لها الجراحة وقد كانت العمليتان الجراحيتان ناجحتين. وقد أصبحت تأكل الآن وزاد وزنها كيلوين اثنين وأصبحت تبتسم ولله الحمد."
كانت جوانا تبلغ من العمر ثمانية أشهر فقط عندما كان والداها يحاولان الفرار من مدينة الموصل العراقية التي كانت محاصرة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية في ذلك الوقت.
وأثناء محاولتهم الهرب، داست الأسرة على لغم تسبب بمقتل والد جوانا على الفور وإصابة أمها إصابة بالغة مع جروح بسبب شظايا في الصدر والرئتين، وإصابة جوانا بضرر بالغ في أعصاب ساقها اليسرى.
ومع عدم قدرتهم على المغادرة اعتنى جدَّا جوانا بهما طيلة ثمانية عشر يوماً محاولين تخفيف الحمى والالتهابات التي أصيبتا بهما بمسكن الألم الباراسيتامول، وكانوا يتنقلون من بيت إلى بيت عبر شبكة من الأقبية. لم تقبل المستشفيات المحلية تقديم العلاج لهم، وكانت أم جوانا تفقد المزيد من دمها وطاقتها، وكانوا يعلمون أنها بحاجة إلى العلاج الطبي بشكل عاجل.
لم يبق أمام الأسرة أي خيار سوى الفرار من جديد لتحسين فرص نجاتهم. وخلال محاولة الفرار الثانية هذه من المدينة، قُتلت أم جوانا وخالها برصاص قناصة. ونجت وهي وجدها وجدتها.
عولجت جوانا في مستشفى خاص في العراق وإضافة إلى تضرر العصب فقد كان لديها شق في سقف الحلق من الولادة وبحاجة إلى جراحة أيضاً. لم تتكلل العملية الجراحية المكلفة التي خضعت لها جوانا بالنجاح ورفض الأطباء في العراق إجراء جراحة الحلق. وتمت إحالتها إلى برنامج الجراحة التقويمية في العاصمة الأردنية عمَّان.
عندما وصلت جوانا وجدتها، سالمة، إلى مستشفى عمَّان - حيث كانت جوانا ومازالت أصغر مريضة فيه بعمر العامين – كان وزنها أقل من 8 كيلوغرام. لم تكن جوانا تمشي ولم تكن تنام ولا تأكل ولا تضحك.
بعد عدة جراحات عظمية وجراحة شق سقف الحلق والعلاج الفيزيائي مع معالجها المفضل، يزن، أصبحت جوانا الآن قادرة على الوقوف بمساعدة جهاز المشي وقد خطت أولى خطواتها في مستشفى الجراحة التقويمية. وبمساعدة أخصائي تقويم النطق بدأت تنطق أولى كلماتها وتقول ’ماما‘ لجدتها.
بدون دعم وكرم أناس من أمثالكم، وبدون منظمات مثل أطباء بلا حدود، وبرامج مثل برنامج الجراحة التقويمية، لم تكن جوانا لتحصل على الرعاية الطبية التي تلقتها ومازالت تتلقاها.
يوماً بعد يوم تصبح جوانا اجتماعية أكثر وتحب الاستكشاف واللعب. لم تعد تختار أن تعزل نفسها أو أن تتشبث بجدتها وهي تبكي. تحب جوانا عندما تخرج في الجولة الصباحية مع جدتها أن تلوِّح لجميع من تصادفهم بيدها في طريقها إلى منطقة الألعاب حيث يطيب لها أن تقضي اليوم على الأرجوحات وتكوِّن صداقات وذكريات طفولة جديدة.
بدعمكم نستطيع أن نضمن للمرضى وأسرهم – مثل جوانا – الحصول على العلاج اللازم والرعاية اللازمة لحين تعافيهم من الجِراح التي تركتها عليهم الحرب.